jeudi, septembre 24, 2009

وَقْفُ المساعي الحميدة

٢٨/٣/٢٠٠٩

وَقْفُ المساعي الحميدة

صَرَّحَ السيد سامي فارس، رئيس الحركة المشرقيَّة في لبنان، بما يلي:

١-وَقْفُ المساعي الحميدة:

بعد مشاهدة النَّائب هاغوب بقرادونيان على مَرْئِيَّة المؤَسَّسة اللبنانيَّة للإرسال (LBCنَعْتَبِرُ أَنَّ موقفه غير الحازم من نزع سلاح حزب الله يَجْعَلُ من الصَّعب متابعة مساعي الحركة المشرقيَّة من أَجل اِتِّفَاق قِوَى ١٤ آذار وحزب الطَّاشناق في مناطق بيروت الأُوْلى، والمتن الشَّمالي وزحلة. لِذا، نُعْلِنُ وقف المساعي الحميدة لرصف لوائح مشتركة بَيْنَ الطَّرَفَيْن لأَنَّ الشرط الأساسي لِدُخول لوائح ١٤ آذار هو الممانعة الواضحة والصَّريحة لوجود سلاح حزب الله، كونه يُشَكِّل خطرًا على المجتمع اللبناني، وتَهَوُّرًا سَنينًا(١) في الأُسلوب السِّياسي، ونقطة شاذَّة في الأُصول الديموقراطِيَّة، وتَحَرُّكًا مرفوضًا تِجاه الدولة والقِوى المدنيَّة.

٢-أَخْطَاءُ الحَرْبَجِيِّيْنَ(٢):

ونَأْسَفُ للنتائج السياسيَّة التي وَصَلَ إليها النائب بقرادونيان في اعتقاده أَنَّ هكذا سلاح يُمْكِنُ أَنْ يُشَكِّلَ حركة ايجابيَّة للوطن واللبنانيِّين. فهو في الأَصل، ومنذ نشوئه له صفة لُزُوم ما لا يَلْزَم، وكان يُمْكِن الاستغناء عنه منذ البداية، فهو لم يأت بأَيِّ فائدة. وما دخول حزب الله على السَّاحة السياسيَّة الحربيَّة إلا تكملة للمسار التَّفَرُّدِي الخارج عن أُطُر القوانين الدَّوْلِيَّة، وضمن التَّقليد المُتَّبَع منذ أواخر السِّتِّينَات في تَحَدِّي الدَّوْلَة، ومواجهة القِوى الأَمنِيَّة الشرعيَّة عبر لغة التَّهديد المبَطَّن أو الصَّريح لِكُلّ تحرُّك قانونيٍّ لا يُمَاشي السِّياسَة الحَرْبَجِيَّة لتحالف الفلسطينيِّين المسَلَّحِين واليسار، في بادئ الأمر، ثُمَّ لجماعات حزب الله فيما بعد.

فسلاح حزب الله يَتْبَعُ خَطًّا حَرْبِيًّا سابقًا وَاجَهَ الدَّوْلَة بالقوّة للقيام بمغامرات فَرْدِيَّة على الحدود اللبنانِيَّة، ضاربًا بعَرض الحائط إِرادة اللبنانيِّين ومُمَثِّلِيْهِم، والحكومة اللبنانيَّة. فامْتُشِقَ السِّلاح ضِدَّ القِوى الأَمنِيَّة(٣)، وأُجْبِرَتِ الدولة على الرُّضُوخ تَحْتَ الضَّغط عَبْرَ اِتِّفَاقيَّة لا قيمة لها من ناحية القانون الدَّوْلي لأَنَّها تُعْطِي لجماعاتٍ خاصَّةٍ إِمكانيَّة التَّحرُّك العَسْكَريِّ على الحدود.

وقامت جماعات التفرُّد الثُّنائي المُؤَلَّفة من الفلسطينيِّين المُسَلَّحِيْن واليسار بأَعمالها الحَرْبَجِيَّة، مُرْغِمين الدَّولة، بقوَّة السِّلاح، على الخروج على اِتِّفاقات إِقليميَّة وَقَّع عليها لبنان، مِمَّا جَعَلَ المسؤُوْلين في موقف ضعيف بالنِّسْبَة للقانون الدَّولي.

* * *

حاشية:

ا) سَنِيْنٌ: كَبِيْرٌ.

٢)الحَرْبَجِيُّ: من يقوم بحروبٍ دون التَّبَصُّر بالنتائج، متفَرِّدًا بعمله (كلمة عامِّيَّة).

٣) إستلحاق: مُرَاجعة حديث اللواء سامي الخطيب إلى مَرْئِيَّة "الجزيرة" حيث يُوضِحُ أَنَّ الفلسطينيِّين المسلّحين كانوا يطلقون القذائف من وراء الجيش، فتقوم الدولة العبرانِيَّة بالرَّدّ. (كلام وارد في الدُّجَى الصَّبَاحِي ليوم ٤/٥/٢٠٠٩، قبل الدَّفع المتأَخِّر إِلى النَّشْر الإِلكتروني).

تَوْتَلَةٌ في المتن الشمالي

٢٨/٣/٢٠٠٩

تَوْتَلَةٌ(١) في المتن الشمالي

بعد أن طالت ولادة صَنْعَةَ فَرَسِ(٢) ١٤ آذار في منطقة المتن الشمالي، وبعد أن بَانَتْ مشقَّاتٌ على طريق اِنبثاقها، وبعد أن تبادلَ عددٌ من الأطراف الغَمْزَ واللَّمْزَ في أحوالها، اجتمعتِ الحركة المشرقيَّة، وقرّرت ما يلي:

إيمانًا منها بخطورة المرحلة، وبأهميَّة الاستعداد الواجب للمنازلة الانتخابيَّة دفاعاً عن الحقِّ، وتحصيناً لإرادة اللبنانيِّين في رفض قوى الأمر الواقع، وترقُّبًا لمسارٍ واضحٍ وجليٍّ في التَّحاور على نسيج اللائحة المُرتَقَبَة، ارتأت الحركة المشرقيَّة إيفادَ مندوب للسَّعِي لإصلاح الحال، وربط المتباعدين وِفْقَ خطوطٍ عامَّةٍ تُؤَدِّي إلى نهاية سريعة في تشكيلِ مَمْرَقٍ(٣) يتوافَقُ عليه الجميع، ويَنْشُرُ دوره الرِّيَادِيَِّ في إنهاض التَّمثيل المرتقب دون الاِصطدامِ بعَوائِقَ ذاتيَّة تُنَاهِضُ الوصول إلى جهةٍ مُكْتَمِلَةٍ ومتوازِنَةٍ تتمثَّل فيها الأحزاب كافَّة، بالإِضافة إلى الشَّخصيَّات الفاعلة.

وتقترحُ الحركة المَشرقيَّة أَنْ يُصَارَ إلى الاِتِّفاق على لائحة شاملة وذات قاعدة وِفْقَ البرنامج الآتي:

أ-المقاعِدُ المارونيَّة:

ا-المَقْعَدُ الأَوَّلُ: للوزير نسيب لحود بصفته شخصيَّة ذات بعد وطنيٍّ ومن أساسيَّات حركة ١٤ آذار.

٢-المَقْعَدُ الثاني: مُمَثِّلٌ عن حزب الكتائب اللبنانيَّة.

٣-المَقْعَدُ الثالث: مُمَثِّلٌ عن حزب القوَّات اللبنانيَّة.

٤-المَقْعَدُ الرَّابع: مُمَثِّلٌ عن حزب الكتلة الوطنيَّة.

ب-مَقْعَدُ الرُّوم-الكاثوليك:

مُمَثِّلٌ عن حزب الوطنيِّين الأَحرار.

مَقْعَدُ الرُّوم-الأُرثوذكس:

ا-المَقْعَدُ الأَوَّلُ يُكَرَّس لنائب رئيس مجلس الوزراء السَّابق، النائب المهندس ميشال المرّ.

٢-المُقْعَدُ الثَّاني: يُصَارُ إِلى الاِتِّفاق بين الأطراف الثَّابتة على مرشَّحٍ يَتَمَتَّعُ بالكفاءَة والدِّرَايَة. له قاعدتُهُ الخاصَّة والواضِحة.

د.مَقْعَدُ الأرمن الأُرثوذكس:

يُصَار إِلى الاِتِّفَاق مع أَركان حركة ١٤ آذار لإِعادة تمثيل حزب الطَّاشناق في بيروت، مِمَّا سيُسَاعِدُ على دُخُولِ ممثِّل الحزب إِلى لائحة المتن الشَّمالي.

* * *

١)تَوْتَلَةٌ: الاِهْتِزَازُ في السَّير. (عامِّيَّةٌ).

٢) صَنْعَةُ فَرَسٍ: حُسْنُ القِيَامِ والعِنَايَةِ.

١) مَمْرَقٌ: مَخْرَجٌ.

أَخْطَاْءُ التَّقْلِيْدِيِّيْنَ

١٧/٣/٢٠٠٩

أَخْطَاْءُ التَّقْلِيْدِيِّيْنَ

ا-تَصَوُّرَاتُ التَّقْلِيْدِيِّينَ:

إِنَّ القياداتِ المسيحيَّةِ التقليديَّةِ تَعْتَبِرُ أَنَّ الغَرْبَ مُلْزَمٌ بِها مِنْ دون شُروط، ومِنْ دُوْنِ تَفْسيرٍ مِنَ ناحِيَتِها لَمَا تَبْغي ولَمَا تُريد. فَعَلَى الغَرْبِ أَنْ يَفْهَم تَمَنِّياتِها، ولو بِالوَمَا. وعَلَيْهِ أَنْ يُلبّي طَلَباتِها وإِنْ مَكَثَتْ غائِمَةً في العُلَى، أو جَاْئِحَةً(١) في سَتِيْرٍ(٢) مَسْلوبٍ.

حانَ الوَقْتُ كي تَعِيَ هذه القيادات ما هو المَضْمُوْن الفِعْلِيُّ للعلاقاتِ بين الدُّوَلِ، وأَوَّلُ لَبِنَة(٣) في هذا المضمار، التَّفسيرُ الواضِحُ والجَلِيُّ من الفريقِ المُتَظَلِّمِ لما يَدورُ في خَلَدِهِ، وما هو تَصَوُّرهُ للحلِّ المُرْتَجى.

أَمَّا هذه القياداتُ السائِغَةُ(٤)، فهي تَنْحُو إِلى الاعتقادِ أَنَّ الفريقَ الغربيَّ عليه أَن يَفْطِنَ إِلى ما يَعْتَلِجُ في صدرِهَا بسببِ الانتماءِ المشتَرَكِ لدينٍ واحدٍ. وهؤلاءُ مُخطئون في التَّحليلِ لأَنَّ الانتماءَ إِلى ذاتِ الأُفُقِ الطائِفِيِّ لا يَجْعَلُ من أَهْلِ أَوْروبا وأميركا يكتشفون ما في ذِ هْنِ الجماعاتِ المُطَالِبَة.

ومِنْ ناحيةٍ ثانيةٍ، يَعْلُنُ المسؤولون المسيحيُّون، وعلى عَكْسِ ما يَضْمُرون، أَنَّ المحادثاتِ مع الطَّرف الأَوروبي أَوِ الأَميركي، لا علاقَةُ لها بأَيِّ مَطْلَبٍ ذو طبيعة دينيَّة أَوْ طائفيَّة. فَهُمْ يَتَمَنُّون الشيءَ ويُصَرِّحون عَكْسَهُ. وفي توجُّهِهِمِ الدَّاخليِّ يقولونَ إِنَّ لا مَطْلَبَ لَهُم من ضمن الأُفُقِ الدينيِّ، ولَكِنْ في مجالسِهم الخاصَّةِ، يَنْتَقِدُوْنَ الدُّوَلَ الغربيَّة لِعَدَمِ تَحَرُّكِها وِفْقَ هذا المنظور.

٢-الإِشْكَالِيَّةُ التَّقليديَّةُ:

إِنَّ هذه السياسة المُبَطَّنَة تَقُودُ إلى خَلَلٍ في القاعدةِ المسيحيَّةِ التي تَضيعُ في مَتاهَةِ العَلاقَةِ مَعَ الغَرْبِ، أَو يُصْبِحُ لديها ردّة فعلٍ مناوِئَة لأَميركا وأَوروبا، وهو ما يَسْعَى إليه أخصامُ التَّقارُبِ بين مسيحيِّي الشَّرقِ ومسيحيِّي الغربِ.

إِنَّ القِيَادَاتِ التقليديَّةِ تَحْمِلُ عُقْدَةَ نَقْصٍ في موضوعِ العلاقاتِ الشَّرقيَّةِ والغَرْبِيَّةِ لأَنَّها تَخَافُ أن تُتَّهَمَ بالتَّقَرُّبِ من الغَرْبِ بصفته المسيحيَّة، فَتَعْلِنُ رَفْضَهَا لأَيِّ تَعَاوُنٍ في هذا الاتِّجاه، بل قد تُزَايِدُ في هذا المَجال، مُهَاجِمَةً الغَرْبَ بِشَرَاْسَةٍ لِتُظْهِرَ نَفْسَها غير مُتَوَاثِقَة معهُ، ولِتُبْعِدَ عَنْها ما تَعْتَقِدُهُ شُبْهَةَ التواطؤ في مشاريعَ تُسَمَّى تارَةً استعماريَّة، وتارَةً للهيمنة.

٣-التَّوَجُّهُ المَطْلُوْبُ:

على القياداتِ التقليديَّةِ أَنْ تَعيَ أَنَّ التواصُلَ بين الشَّرْقِ المسيحيِّ وبين الغَرْبِ المسيحيِّ حَالَةٌ طبيعيَّةٌ ومطلوبةٌ بإِلحاحٍ، إنْ مِنَ القاعِدَةِ المسيحيَّةِ في الشَّرْقِ، أو مِنَ القاعدة المسيحيَّةِ في الغَرْبِ. وكُلُّمَا سَارَ المسؤولونَ في هذا الاِتِّجاه سيلاقونَ ارتياحًا من الجماهيرَ الشَّرقيَّةِ ومِنَ الجماهيرَ الغربيَّةِ.

٤. أسبابُ الانفصالِ الفَوْقِيِّ:

إِنَّ القوى التي تُنَاهِضُ التَّقارُبَ الشَّرْقِيَّ والغَرْبِيَّ مؤلَّفة من بعض الأكّاديميِّين المتأثّرين بنظريَّةٍ تَقول: إِنَّ الديانةَ تَقِفُ عند بابِ الكنيسةِ، أَمَّا الباقي فهو وَطَنِيٌّ مَحْضٌ. وهذه النظريَّة ظَهَرَت نَتِيْجَة الصِّراعاتِ الماضيةِ بين البابا والإمبراطور، أَوْ بين البابا ومُلُوْكِ أَوْروبا. فجاءَ بَعْضُ المفكّرين وطالبوا بِفَصْلِ كلّ ما هو ديني عن ما هو وطني، وذلك لإِضعاف تأْثير الباباوات الزَّمني على السُّلطاتِ الوطنِيَّةِ.

إِلاَّ أنَّ فَصْلَ الموضوعِ الزَّمني عَنْ سُلْطَة الباباوات لا يَعني إِخراجَ الإحْسَاسِ الدينيِّ عن ذِهْنِ الجماعَةِ الدينيَّةِ، بل إِنَّ هذا الشعور يبقى بكامِلِ قُوَّتِهِ، يُرَصْرِصُ تفاعُلَهُ في الذِّهْنِ الجَماعِيِّ، وفي الذِّهْنِ التَّاريخيِّ. فالحِسُّ الدينيُّ هُوَ بُرْعُمُ الإِحْسَاسِ القَوْمِيِّ، وهو أَساسُ الإِحساسِ الطَّائِفِيِّ ذو التَّرَسُّبِ القَوْمِيِّ. وإِذا كان البَعْضُ يَتَعالى عن هذا الموضوع، فهو يُخْرِجُهُ من تَصَوُّرِهِ الواعي، لَكِنَّهُ يَسْتَظِلُّهُ في نِصْفِ وَعْيِهِ، وفي لاوَعْيِهِ. والإِحْسَاسُ الطَّائِفِيُّ ذو الطبيعَةِ القَوْمِيَّةِ يَتَحَكَّمُ بِذِهْنِ الجماهير التي تَبْقَى مُنْغَمِسَةً بكامِلِ مَلاءَتِها في النَّفَسِ الدِّيْنِيِّ-القَوْمِيِّ، وذلك بالرَّغْمِ من التَّنْظِيْرَاتِ المُخَالِفَة التي لم تتمكَّنْ مُنْذُ مِئَاتٍ السِّنين من فَكِّ عُرْوَةٍ واحِدَةٍ مِنَ الإِحساسِ الدينيِّ-الاجتماعيِّ.

٥-النَّهْجُ القَوْمِيُّ-الدِّينِيُّ:

لذا، على القياداتِ التقليديَّةِ أَنْ تُعِيْدَ النَّظَرَ في اعتقاداتِها السِّياسِيَّةِ، وتَبْدَأَ بِتَصَوُّرِ الحُلُوْلِ السِّيَاسِيَّةِ للمُعْضِلاتِ وِفْقَ نَهْجِ تمازُجِ الحِسِّ القَوميِّ والحِسِّ الدِّيْنِيِّ. وليس على هذه القياداتِ أَن تَعْتَقِدَ أَنَّها تَعودُ إِلى الوراءِ في العِلْمِ السِّياسيِّ لأنَّ مَنْ سَبَقَها قَدْ أَخْطأَ في التَّحليلِ فأدَّتْ حُلُوْلُهُ إِلى مَصَائِبَ وكوارِثَ لِكَوْنِها ابتَعَدَتْ عَنْ طبيعَةِ الكائِنِ الاجتماعِيِّ، وَتَوَغَّلَتْ في سَرادِيْبَ العُكوسَاتِ(٥) القَوْمِيَّةِ. فَدَخَلْنا في أُفُقٍ لا يَنْتَهي من مُضَادَّاتٍ ومُوَاجَهاتٍ كُنَّا بالغِنَى عَنْها لَوْ سِرْنَا في الطَّريقِ الواسِعَةِ والواضِحَةِ للتَّفاعُلِ التَّاريخيِّ القَوْمِيِّ-الدِّيْنِيِّ.

إِنَّ العودَةَ للبَحْثِ عَنِ الحُلول السِّيَاسِيَّةِ للمُعْضِلاتِ المُجْتَمَعِيَّةِ وِفْقَ المَنْظُور القَوْمِيِّ-الدِّيْنِيِّ سَيُسَاعِدُ على حَلْحَلَةِ السَّاحَةِ الدَّوْلِيَّةِ من مُشْكِلاَتٍ تَرَاكَمَتْ عَبْرَ السِّنينَ وأَوْصَلَتِ العَالَم إِلى مُوَاجَهاتٍ عَميقَةٍ تُشَكِّلُ خَطَرًا دَاهِمًا على مُتَعَرِّجَاتِ السَّلامِ الإِقليميِّ والدَّوْلِيِّ.

* * *

حاشِيَةٌ:

(ا) جَائِحَةٌ: مَائِلَةٌ.

(٢) سَتيرٌ: مَسْتُوْرٌ.

(٢) لَبِْنَةٌ: واحِدَةُ اللَّبِنِ. (المضروبُ من الطِّيْنِ لِلْبِناءِ). والمعنى هُنا العَتَبَةُ الأُوْلَى من بِنَاءِ التَّواصُلِ والتَّفَاهُمِ على مُسْتَوَى العَلاقَاتِ بَيْنَ الدُّوَلِ أَوِ العلاقاتِ بَيْنَ الدُّوَلِ وبين السِّيَاسِيينَ.

(٤) السَّائِِغَةُ: التي تَطْلُبُ الحَلَّ السَّرِيْعَ.

(٥) العُكُوْسَاْتُ: الشَّيْءُ الذي يَعْكُسُ الشَّيْءَ دُوْنَ التَّوَصُّلِ إِلى تَمَخُّضٍ ديالكتيكيٍّ.

عِصَابَاتُ الغَوْغَاءِ

١٢/٣/٢٠٠٩

عِصَابَاتُ الغَوْغَاءِ

تَعْليقاً على مُهَاجَمَةِ عِصاباتِ الغوغاءِ الآلافَ مِنْ أَصْحابِ البلادِ التاريخيِّينَ مِنْ أَرْمَنٍ ويونانيّينَ(١) في مدينةِ القسطنطينيّةِ، قالَ رَئِيْسُ الحركةِ المشرقيَّةِ، السَّيِّد سامي فارس، ما يلي:

إِنَّ ما حَصَلَ منذ نصف قرن ليس إِلاَّ حلقة من مجموعَةِ هَجَمَاتٍ تاريخيَّةٍ لقوى زَحَفَتْ على آسيا الصُّغْرَى، فاحْتَلَّتْهَا. وهي في كُلِّ مُدَّةٍ تُضيفُ إِلى الاِحتلال، التَّشْرِيْدَ، وتَدْمِيْرَ الآلافِ من المنازِلَ والمتاجِرَ. ومهما ستحاولُ قُوَّاتُ الأمْرِ الواقعِ فِعْلَهُ، عَبْرَ السَّعي إلى حَجْبِ الحقائِقَ التاريخيَّةِ، فهي لن تتمكَّنَ من مواجهة النظريَّاتِ القانونيَّةِ العالميَّةِ التي تَمْنَعُ احتلالَ المناطِقَ والبلدان، بأيِّ شَكْلٍ من الأَشْكَالِ، وتشريدَ الشُّعوبِ، ومَحْوِ الذَّاكرة الفرديَّة والجماعيَّة.

إِنَّ ما جَرَى منذ مِئَاتِ السِّنين يُعَدُّ انتهاكاً للحقِّ والعدالَةِ، ويُوْجَبُ الانكبابَ على هذه المساراتِ المعاديةِ لحقوقِ الشُّعوبِ والجماعاتِ من أَجْلِ تقويمِ اعوِجَاجِهَا.

وَمِنَ الضَّرورَةِ القُصْوَى إعادةُ حقوقِها بالكامِلِ لأَنَّ لا قانوناً يُمْكِنُ أَن يُبَرِّرَ ما حَدَثَ، وما نَتَجَ مِنْ تغييرٍ لوجهِ منطقةٍ جغرافيَّةٍ بأكملِها.

وعلى المؤمنينَ بالخيرِ والسَّلام، في العالَمِ أَجمع، أَنْ ينكبّوا لِدَرْسِ ما تَبَدَّلَ، وأَنْ يَتَشَاوروا ويتباحَثوا عَنْ طريقةٍ فُضْلَى لِحَلِّ هذه المعاناةِ التي طالَتْ أَجْيالاً وأجيال: "إنّ الظُّلْمَ يَدُوْمُ سَاعَةً، أَمَّا الحقّ فهو يدومُ إِلى قيامِ السَّاعَةِ."

* * *

(١) جَرِيْدَةُ النَّهَارِ في ٢١/٢/٢٠٠٩، ص.٢٤، نقلاً عن وكالة رويتر للأنباءِ.

اِرْتِيَاحُ الحَرَكَةِ المَشْرِقِيَّةِ

٤/٣/٢٠٠٩

اِرْتِيَاحُ الحَرَكَةِ المَشْرِقِيَّةِ

أَعْرَبَتْ الحركة المشرقيَّة عن ارتياحها لِوَضْعِ القضاءِ الدَّوليَِّ المِجْهَرَ على أفعالِ بَعْضِ المسؤولينَ في الجمهوريَّةِ السُّودَانِيَّةِ لِتَصَرُّفِهِم غَيْرِ السَّوِيِّ في إقليمِ دارفور(١). وَطَالَبَتِ الحركة المشرقيَّة الجِهَاتِ المُختصَّةِ بتوسيعِ التَّحْقِيْقِ الإِنسانِيِّ إِلى مُجْرَيَاْتِ جَنوبِ السُّودَانِ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ أَكْثَرَ مِنْ مَلْيُونَيِّ إنسان من أُمَّتِنَا المَسِيْحِيَّةِ.

كما تساءَلَتِ الحركةُ عن سَبَبِ عَدَمِ اِحْتِرَامِ حَقِّ تقريرِ المصيرِ لِلشَّعْبِ المسيحيِّ(٢) في جَنُوْبِ السُّودان؟ ولماذا صَمَتَ المجتمعُ الدوليّ عن الاِنْتِهَاكَاتِ السياسيَّةِ والمدنِيَّةِ التي حَصَلَت مُدَّةَ عشرات السِّنينِ؟

واستغربتِ الحركةُ مَوْقِفَ بعض المُنَظَّمَاتِ الإقليميَّةِ التي عَبَّرَت عن عدمِ ارتياحِها لإِحقاقِ الحَقِّ، ولملاحَقَةِ مُنْتَهِكِي القوانينَ الدوليَّةِ النَّاهيَةِ عن القتلِ والتدميرِ والتَّعذيبِ، وإِحراقِ المحاصِيلَ وتَهْجِيرِ النَّاسِ. وأَرْدَفَتِ الحركةُ: يجب متابعة هذا الطريق القانوني، والاِقتصاصُ من كُلِّ الدُّوَلِ والأَنظمةِ التي تَرْفُضُ حَقَّ تقريرِ المصيرِ، وتُوَاجِهُ الفئات والمجتمعات التي تطالبُ بحقوقِهَا، بالحديدِ والنَّارِ، و بالملاحقةِ العسكريَّةِ، الشَّديدةِ الأثرِ، والصَّلِيعَةِ(٣) النَّتَائِجَ.

وطالبتِ الحركة بالنَّظَرِ في موضوعِ قصفِ الطائراتِ السُّكَّانَ المسالمينَ خلالَ الحربِ السَّابقةِ بَيْنَ السُّلطةِ السُّودانيَّةِ وبين أَبناءِ الجَنوب، وتوسيعِ الاهتمامِ في موضوعِ مُجَنَّحَاتٍ أَتَت من بَلَدَيْنِ إِقْلِيْمِيَّيْنِ، وتعدَّتْ على المدنيِّينَ في القُرى والدساكِرَ، والسَّعي لمعرفةِ مِنْ أَيِّ مُسْتَوى صَدَرَ الأمر بإطلاقِ النَّارِ على الأَبرياءِ، إِنْ من ناحيةِ الطائراتِ السودانيَّةِ، أَو مِنْ جِهَةِ طائراتِ النِّظامَيْنِ الاقليميَّيْنِ؟

* * *

حاشيةٌ:

(١) نَشْرَةُ الأخبارِ السياسيَّةِ للمؤسَّسَةِ اللبنانيَّةِ للإِرسالِ، في الثَّامِنَةِ من مساءِ الأربعاءِ في ٤/٣/٢٠٠٩.

(٢) الشَّعْبُ المَسِيْحِيُّ: عِبَاْرَةٌ أَدْغَمْنَاْهَا في أَوَاْخِرَ السِّتِّينَاتِ من تَعْبِيْرٍ عَنِ الحَالَةِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ القَوْمِيَّةِ (الشَّعْبُ)، وَتَعْبِيْرٌ عَنِ الحَالَةِ الاُنْطُوْلُوْجِيَّةِ التَّحْتِيَّةِ (المَسِيْحِيُّ)، وذلك للدَّلالَةِ عن البُعْدِ الدِّيْنِيِّ النُّشُوْئِيِّ في الاجتماعِ.

(٣) المكانُ الذي يخلو من النَّبَاتِ مِنْ جَرَّاءِ إِسْقَاطِ عَدَدٍ كَبِيْرٍ مِنَ القَنَابِلَ.


mardi, septembre 08, 2009

صحَّة الوزارة

٧/٩/٢٠٠٩

صحَّة الوزارة

صرّح رئيس الحركة المشرقية، السيد سامي فارس، ما يلي:

١. القاعدة القانونية للتشكيلة الوزاريَّة:

إن الحركة المشرقية تعلن تأييدها الكامل للموقف الحاسم الذي اتخذه رئيس الوزراء المكلف السيد سعد الحريري باقتراح تشكيلة وزاريَّة وفق ما يرتأيه لمصلحة البلاد والصالح العام. فرئيس الوزراء عليه أن يستمزج آراء الكتل بالموضوع الحكومي ثمّ يتوافق مع رئيس البلاد على الحكومة المرتقبة.

إنَّ تلاقي إرادة رئيس الجمهورية بإرادة رئيس الوزراء هي القاعدة القانونية للتشكيلة الوزاريَّة. وإنَّ الكتل النيابيَّة لا تتمتَّعُ بحقٍّ دستوريٍّ في انتقاءِ الوزراءِ والحقائبَ، إنَّمَا يحُقُّ لهم فقط الاقتراح على رئيس الوزراء الذي يتَّفِقُ بدوره مع رئيس الجمهوريَّة في هذا الأمر.

٢. انتقاءُ الوزراءِ:

كما يمكن لرئيس الوزراء أن ينتفي وزراء من المعارضة أو أن لا ينتقي. فإذا انتقى من كُتَلِ المعارضة، أصبحت هذه الكتل ضمن مجموعة الأكثريَّة الوزاريَّة، وإن رَفَضَتْ، فبإمكانها أن تطلب من وزرائها الاستقالة.

٣.الحكومة المُؤَلَّفَة من الأكثريَّةِ الحاليَّةِ:

أمَّا حكومةٌ مؤلَّفَةٌ من الأكثريَّة الحاليَّة، فهي شرعيَّة مئة بالمئة على أن تتمثَّل بوزراءٍ من الطوائفَ وِفْقَ المعهود. وإذا رَفَضَت بعض الكُتَل التي تُمَثِّل شبه إجماع في إحدى الطوائف، أو في بعض الطوائف، الدخول في الوزارة، فذلك لا يؤثِّر على شرعيَّة الوزارة طالما أنَّها تُرَاعِي التَّمثيل الطوائفي؛ وذلك بتعيين وزراء من كُلِّ الطوائف، حتى ولو مَثَّلَ بَعْضُهُم القليل القليل من الطَّائفة. فكلُّ وزارةٍ فيها من جميع الطوائف وِفْقَ العدد المُتَّفق عليه من كل طائفة، تصبح قانونيَّة إذا نالت موافقة أكثريَّة الحضور في جلسة نيابيَّة عاديَّة.

* * *

بِلادُ اجبتوس

٢٦/٢/٢٠٠٩

بِلادُ اجبتوس

صَرَّحَ رَئِيْسُ الحَرَكَةِ المَشْرِقِيَّةِ السَّيِّد سامي فارس، ما يلي:

إِنَّ التَّفْجِيْرَ الحَاصِلَ في بِلادِ اجبتوس(١) أَدَّى إِلى وسُقُوْطِ شَهِيْدَةٍ وتِسعَةِ جُرْحَى مِنْ أُمَّتِنَا المَسيحيَّة.

فَعَلَى القِوَى المَسْؤُوْلَة عَنِ الأَمْنِ أَنْ تُكَثِّفَ جهودَها للقَبْضِ على عِصَابَاتِ الغَوْغَائِيِّيْنَ الذين يَنْشُرُونَ الرُّعْبَ مُنْذُ التِّسعِيناتِ. إِنَّ بِلادَ اجبتوس التي دَخَلَتْ بِالإِقْنَاعِ إلى المسيحيَّة مُنْذُ الرَّسُوْلِ الكَبِيْرِ القديس مُرْقُس، لا تَسْتَحِقُّ أَنْ تَمُرَّ بهذه المِحَنِ. فهي دُرَّةُ مَسِيْحِيّي الشَّرْقِ، ومُحْتَضِنَةُ التَاريخِ الفرعونيِ العَظِيم، ولُغَتُهَا تَعُودُ إِلى الهِيروغليفية وتَقَاطُعِهَا اللاحِقِ مَع اللُّغَةِ اليُوْنَانِيَّة.

ولا يَجِب على أَبْنَاءِ أُمَّتِنَا القَادِمِيْن من أوروبا أو أميركا أو استراليا أَنْ يُعَانُوا في بَلَدٍ انتَشَرَت فِيه المَسِيْحِيَّةُ مُنْذُ القَرْنِ الأَوَّلِ المِيْلادِيّ. فَهُمْ بَيْنَ أَهْلِهِمْ وَأَقَارِبِهِمْ وَمُحِبِّيْهِمْ. فَأَهْلُنَا الأَقْبَاطُ أَبْنَاءُ التَّارِيْخِ المِصْرِيِّ العَظِيم هُمْ وَدُوْدُوْنَ وَطَيِّبُوْنَ، وَيَشْعُرُوْنَ بِالعَطْفِ وَالتَّضَامُنِ مَعَ إِخْوَتِهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ بُلْدَانِنَا المَشْرِقِيَّةِ، وَمَعَ إِخْوَتِهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ أُمَّتِنَا المَسِيْحِيَّةِ. وعَلَى إِخْوَتِنَا الآتِيْنَ مِنْ بِلادِ أَوْرُوْبَا وأَمِيْرِكَا وَاُقْيَانيَا أَنْ يَشْعُرُوْا بِالطَّمَأْنِيْنَةِ وَالحُبُورِ عِنْدَمَا يَكُوْنُوْنَ بَيْنَ أَهْلِهِم وَمُحِبِّيْهِمْ. ولا نَنْسَى التَّعَلُّقَ وَالاِهْتِمَامَ الذي يَكُنُّهُ إِخْوَتُنَا في القَارَّاتِ الثَّلاث نَحْوَ التَّارِيْخِ الفَرْعَوْنِيِّ العَظِيْمِ، وَمَا شَكَّلَ هذا التَّارِيْخُ مِنْ جَدِيْدٍ في مَسِيْرَةِ الشُّعُوْبِ.

* * *

(١) النهار في ٢٣/٠٢/٢٠٠٩ ص. ١ و ١٢.

مفاعيلُ إِلغَاءِ الطَّائِفِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ

١/٨/٢٠٠٩

مفاعيلُ إِلغَاءِ الطَّائِفِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ

ا-نَتَائِجُ إِلغَاءِ الطَّائِفِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ:

إِنَّ إِلغَاءَ الطَّائِفِيَّةُ السِّيَاسِيَّةُ ليس في مصلحة المسيحيِّين والموارنة لأنّ الاِزْدِيَادَ العَدَدِيَّ هو في غير هَمْزَتِهِمْ(١)، مِمَّا يعني أَنَّ المرشَّحين غير المسيحيِّين سيحصدون معظم الأصوات، وسيبقى المرشَّحون المسيحيُّون، دون الفوز.

٢-المَثَلُ القُبْطِيُّ:

وللدَّلالة على هذا الأمر، هناك المَثَلُ القُبْطِيُّ، حيث أَنَّ الأَقباط الذين يشكّلُوْن عشرة بالمئة من أهل مصر لا يتمثّلون بِأَيِّ نَائِبٍ في مجلس الأُمَّةِ، مِمَّا يَضْطَرُّ رئيس الجمهوريَّة على تعيين(٢) أربعة منهم للإِبْقَاءِ على لَوْنٍ غَيْر إِسلاميّ في المُنْتَدَى النِّيَابِيّ.

٣. تَنَاقُصُ المَسِيْحِيِّين:

وحيث أَنَّ نِسْبَة المسيحيِّين في لبنان تَتَنَاقَصُ كُلَّ يومٍ بسبب ازدياد المواليد عِنْدَ الطَّوَائِفَ الإسلاميَّة، فإذا ألغينا التمثيل الطائفيّ، فقد نَصْبَحُ عَلى غِرَار أَقْبَاطِ مِصْرَ.

٤.الوَضْعُ الدِّيْنِيُّ بُرْعُمُ الحَالَةِ القَوْمِيَّة:

أَمَّا القَوْلُ بِأَنَّ التَّكتُّلاتِ ستتشكَّلُ وِفْقَ المطالبِ الاجتماعيَّة، فاجتهادٌ في غير مَحَلِّهِ لأَنَّنَا نرى قاعدة شبه تامّة هي التّمثيل حسب الأَهْوَاءِ الدِّينِيَّةِ لأَنَّ الوَضْعُ الدِّيْنِيَّ في نهاية الأمر بُرْعُمُ الحَالة القَوْميَّة.

٥.حُدُودُ التَّمْثِيلِ الطَّائِفِيِّ:

فللإِبْقَاءِ على التمثيل المسيحيّ المناسب يَجِبُ الإِبْقَاء على التَّمثيل الطائفيّ الرَّسمِْيِّ. لكنَّنا هُنَا أيضًا أمام خَرْقٍ أَكِيْدٍ للتَّوَاْزُن المسيحيّ-الإسلاميّ، لأَنَّ التَّكَاثُرَ الإِسْلامِيَّ في المناطق المسيحيَّة هو أكبر من التَّكاثر المسيحيّ. فَمَعَ الوَقْتِ، سَتَصْبَحُ الأَقَليَّة الإِسْلاميَّة في المناطق المسيحيَّة، أَكْثَرِيَّةً، مِمَّا سيعودُ بنا إلى حالة موضوعيَّة تُنَافِي التَّمثِيْلَ الطَّائِفِيَّ.

٦-لتنتخب كلّ طائفة نوَّابها:

وَمِن أَجْلِ تَجَنُّب هذا الأمر، اقترحنا في العام ١٩٩٢ ، أَنْ تَنْتَخِبَ كُلُّ طَائِفَةٍ نُوَّابَهَا، مِمَّا سَيَمْنَعُ الطَّوائِفَ التي يَتَقَلَّلُ حَجْمُهَا بِالنِّسْبَةِ لغَيْرِهَا مِنْ أَنْ يُنْتَخَبُ لها نُوَّابٌ هُمْ في مضمونِهِمْ حَالَةً لا تَتْبَعُ المَنْهَجَ الإحساسي المَسِيْحِيّ.

٧-المَنَاطِقُ الذَّاتِيَّةُ:

الخطوة الثَّانية المفروض التوصُّل إليها هي: المَنَاطِقُ الذَّاتيَّة(٣)، وهي مناطق تَتَمَكَّن كُلُّ طائِفَةٍ داخِلهَا مِنْ أَن تُعَبِّرَ عَنْ وجودِهَا الحضاريّ-التاريخيّ، ونكون في ذلك نُطَبِّقُ حَقَّ الجماعَاتِ في أَنْ تَعِيشَ حياتها الذَّاتِيَّة وِفْقَ الأُطُر التَّارِيْخِيَّة التي أَنْشَأَت التَّقَالِيْدَ والعَادَات التي انْغَرَسَت بِدَوْرِهَا في الفِكرِ الجمَاعِيِّ، وأَصْبَحَت مَدْمُوْغَةً بالحسِّ الطَّائفِيِّ-الاِجْتِمَاعِيِّ.

٨-الاِنْتِقَالُ الدِّيْنِيّ:

إنَّ نظريَّةَ فلسفة الأنوار بفصل الدِّين عن المُجْتَمَع تَصُحُّ عندمَا نَفْصُلُ المُؤَسَّسَات الدِّيْنِيَّة عن الحياة الرَّسْمِيَّة، لكنَّها لا تَصُحُّ إِذَا أردنا فَصْلَ التَّحتيَّة الدينيَّة الاجتماعيَّة عَنْ الوَضْعِ الاِجْتِمَاعِيِّ العَامّ. فكما أَنَّ الاجتِمَاعَ لا يُمكن أَنْ يَخْرُجَ عن الحِسِّ القومِيِّ في مُتَطَلِّباتِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ، فَهُوَ أيضًا لا يُمْكِنُ أُن يَخْرُجَ عن الحِسِّ الدِيني في مُتَطَلِّبَاتِه وتَصَرُّفَاتِه. فالحِسُّ الدِينيُّ يَنْغَرِزُ في عُمْقِ أَعْمَاقِ الإِنسان، ولا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا إذا تَبَعَ الشَّخصُ ديانَةً أُخرَى تَجْعَلُهُ يَتَدَخَّلُ(٤) في عُمْقِهَا الإِحسَاسيّ. أما الرَّجُلُ اللاإيماني، فهو في عُمْقِهِ مُنْغَرِسٌ في اجتماعِ طائفةٍ معيَّنةٍ. فعدمُ الإيمانِ بعُلْوِيَّةٍ دِينيةٍ لا يَجْعَلُ الشَّخْصَ خَارِجَ الاجتِمَاعِ الدِّينِيّ. ومَنْ يَتَهَيَّأُ لَهُ اَنَّهُ خَرَجَ خَارِجَ(٥) اجتماعِ دينِهِ يَرَى نَفْسَهُ في المُلِمَّاتِ والصُّعُوبَاتِ يتَّخِذُ ذَاتَ المَوَاقِفَ وَأَهْلُ جَمَاعَةِ دِينِهِ. أمَّا إذا تبدَّلَ، فَيَكُونُ بَدَأَ يسيرُ في غَيْرِ نَهْجِ حَالَتِهِ الدِّينِيَّةِ-الثقافيَّةِ، فيبدأُ في التَّوجُّهِ نَحْوَ النّفرازِ(٦) السِيَاسيِّ لغَيْرِ جماعَتِهِ، ثُمَّ ينتقِلُ إلى النّفرازِ الثقافيِّ، وبَعْدَهَا إلى النِّفْرَازِ الحَضَارِيِّ، وقَدْ يَنْهِي تَحَوُّلَهُ بِالولُوجِ إلى النِّفْرَازِ الإِيمَانِيِّ-الدِّيْنِيِّ لغَيْرِ طائِفَتِهِ، وجَمَاعَتِهِ التَّارِيخِيَّةِ.

* * *

(١) هَمْزَتُهُمْ: دّفْعُهُمْ لِلشيء، أي قَصْبُ سَبَقِهِم.

(٢)تَعْيِينُ عَلى:حَرَكَة فَوقِيَّة.

تَعْيِينُ إلى:حَرَكَة تَحتِيَّة.

(٣) مُراجَعَة مَقَال "الحلّ المُقتَرَح للمَوضُوع الانتخابي" بتاريخ ٤/٤/٢٠٠٨، والمنشور في:samiphares.blogspot.com

(٤)الاِنْدِخَاْلُ: الدُّخُول مِنَ الدّاخِل.

(٥)خَرَجَ خَارِجَ: أي دَخَلَ مِنْ جَدِيْد.

(٦)النِّفْرَازُ: قُوَّة مَعْنَوِيَّة-إحْسَاسِيَّة تُسَيِّرُ مَفَاهيم اجتماعِيَّة، ثقافِيَّة، دينيَّة، ونفسِيَّة.