dimanche, mai 04, 2008

الحلّ المقترح للموضوع الانتخابي


في 4/4/2008

1- إشكالية الانتخابات النيابية:

إن إشكالية الانتخابات ترقد على كيفية التمثيل الشعبي، حيث أن النظرية التقليدية تستند إلى تمثيل قطاعات الشعب على مستوى الأعداد، فتصبح المشكلة: هل أنّ ناخبي هذه المنطقة يحق لهم أكثر من غيرهم من حيث عددهم ؟ وهل هم مغبونون لقلّة تمثيلهم بالنسبة لوضعهم الديموغرافي ؟

أما الإشكالية التجددية فهي تتناول الموضوع وليس الشكل، أي: هل ان تمثيل الشعب يوافق التطلعات التاريخية والنفسية لكل قطاعاته(1)، أم هو يغبن بعض أجزاء المجتمع؟

إن النظرية التقليدية لا تأخذ بعين الاعتبار هذا الإحساس القِطاعي الداخلي لأنها تفترض ان الانتماء إلى دولة ما، يُصعِّد(2) في النفس ذات الإحساس وذات التصوّر التاريخي.

أما النظرة التجددية(3)، فهي تعتبر ان تاريخ الجماعات وتلقّيهم المنظومات الماورائية النفسية هو الذي يُحدِّد الاحساس الباطني و الانفعالات المتعددة الصادرة عن اللاوعي الجمعي والفردي.

2- الوضع اللبناني:

وفي الوضع اللبناني، فإن التباينات الحاصلة تجد جذورها في التلقّي للجماعات مواداً ماورائية متباينة تجعل كل جماعة ترسم طريقها النفسية الخاصة. ومن أجل تمكّن هذه الجماعات من متابعة الطريق العملية للتصوّر الماورائي الخاص، عليها ان تتمثل بصفتها تلك، وتعيش وضعيّتها الجغرافية النفسية المولِّدة لنظرتها إلى نفسها وإلى العالم.

واذا اعتبرنا، مثلاً، الوضعية المارونية، ومن أجل تمكين هذه الطائفة من التمثيل الدائم الموافق لنظرتها التاريخية، نقترح أن تتمثّل وفق المناطق الآتية:

أولاً: منطقة البترون المارونية (نائبان).

ثانياً: منطقة كسروان المارونية (أربعة نواب)

ثالثاً: منطقة زغرتا المارونية (نائبان).

رابعاً: منطقة بشري المارونية (نائبان).

خامساً: منطقة جبيل المارونية بمعظمها (نائبان).

سادساً: منطقة المتن المارونية بجزء كبير منها (أربعة نواب).

سابعاً: منطقة بعبدا المارونية بجزء مهم منها (نائبان).

ثامناً: منطقة عاليه المارونية بجزء منها (نائبان).

تاسعاً: منطقة الشوف المارونية بجزء منها (ثلاثة نواب).

عاشراً: منطقة جزين المارونية بجزء منها (نائبان).

حادي عشر: القرى المارونية على الحدود الجنوبية (نائب).

ثاني عشر: منطقة عكار المارونية بجزء منها (نائب).

ثالث عشر: منطقة الأشرفية وضواحيها، المارونية بجزء مهم منها (ثلاثة نواب).

رابع عشر: منطقة دير الاحمر المارونية (نائب).

خامس عشر: القرى المارونية في منطقة زحلة (نائب).

سادس عشر: القرى المارونية في البقاع الغربي (نائب).

سابع عشر: قرى الضنية المارونية (نائب).

المجموع: أربعة وثلاثون نائباً.

تقوم لجنة حكومية بتحديد هذه المناطق الانتخابية، وتسمّى مناطق ذات سيادة داخلية، أي ان الشعب الموجود فيها، يُقرّر عبر انتخابات داخلية، من يجب ارسالهم إلى المجلس النيابي.


3- حقّ التحصّن:

ومن اجل ثبات الوضع الماروني النفسي، على المناطق الذاتية أن تتمتّع بحصانة داخلية تجد أصولها في الشرعية الشعبية الداخلية. وهذه الشرعية الشعبية تمتلك حق التحصّن في الأمور التي يمكن ان تشكّل تهديداً على وضعيتها النفسية-التاريخية، ومنها:

أ- تحديد المدى الجغرافي-الأرضي لغيرها من الطوائف داخل المنطقة الذاتية:

إن التبدّل الجغرافي داخل المناطق الذاتية يمكن ان يؤثر على طابع هذه المناطق، فيحوّلها من بيئة تاريخية وتحديدية مارونية إلى غيرها من البيئات. لذا، يجب ان تكون المنطقة الذاتية المارونية مملوكة من الموارنة حتى حدود سبعة وتسعين بالمئة، أي لا يمكن لغير الموارنة شراء اكثر من ثلاثة بالمئة من العقارات.

إلاّ أنه لحاجات اقتصادية، يمكن ان ترتفع هذه النسبة لغاية خمسة بالمئة بعد موافقة ثلاثة أرباع الموارنة القاطنين في المنطقة. وفوق هذه النسبة يجب الحصول على موافقة ثلاثة أرباع موارنة المناطق الذاتية كافة.

ب- تحديد انتشار السكّان:

إن المنطقة ذات الطابع الماروني يجب ان تُحافظ على طابعها التاريخي-الذاتي، لذا، عليها ان تتشكّل بمعظمها من هؤلاء السكان. وعلى الرغم من اقتراحنا في العام 1992، أن تَنْتَخِب كل طائفة ممثليها في البرلمان، فإن ذلك لا يكفي في حال حصول تبدّل ديوغرافي على الأرض ينزع عملياً الصفة المارونية عن المنطقة الذاتية. لذا، ومن اجل منع تبديل الوقائع الديموغرافية على الأرض، فإنه لا يُسمح بانتشار أكثر من نسبة معيّنة من غير الموارنة. ونقترح ان تكون هذه النسبة، أيضاً، ثلاثة بالمئة. أما في حال توجّب وضعية اقتصادية معيّنة، فقد تُرفع النسبة إلى خمسة بالمئة بموافقة ثلاثة ارباع موارنة المنطقة الذاتية.

من فوائد المناطق الذاتية أنها تحفظ الوجود الديموغرافي التاريخي، وتمنع التبديل في هوية المناطق عبر التمدد الديموغرافي المتنامي الذي يمكّن الطوائف الولودة من السيطرة على الواقع، ثم السيطرة على التمثيل عبر الانتخاب الآلي.

4- تكتيك الطوائف الوَلودة:

إن الطوائف الوَلودة تبدأ أولاً في المناطق حيث تشكل أقلية بانتخاب المرشح من غير طائفتها، الأقرب إلى مطالبها وتمنياتها. ثم في مرحلة ثانية تُشكِّل جبهة برلمانية مؤلَّفة من أبناء طائفتها، ومن الذين وصلوا إلى الندوة البرلمانية بسبب تحيّز أقلياتها إلى ممثل من غير طائفتها، أقرب إلى هواها الفكري، وأخيراً من ممثلي الطوائف الأقلية في مناطقها.

ثم في مرحلة ثالثة تتحالف مع طوائف أخرى، وَلُودَة، لتشكيل جبهة عريضة في البرلمان، تسنّ القوانين التي هي ظاهراً عادلة وحديثة، ولكنها فعلياً، تصبّ في إضعاف الطوائف المقلّة، وفي تخفيض نسبة وجودها في البرلمان.

وفي مرحلة رابعة، تكون المنافسة شديدة بين الطوائف الولودة، حيث تنتهي المعارك، لصالح أكثر الطوائف ازدياداً.

ومن أجل تجنّب الانهيار على الأرض، ثم قانوناً، على أبناء الطائفة المارونية ان يسعوا إلى مشبك قانوني يحفظ لهم وجودهم السياسي، والنفسي، والجغرافي، لأن النظرية التقليدية لا تأخذ بعين الحسبان، الوجود النفسي للحالة الطائفية، بل تَعتبر ان الماورائية هي فوق العالم السياسي والعملي، فيما الفعل الماورائي يأخذ بكل تعابير الحياة، والعادات، والتقاليد، ويؤطّرها ضمن المجموعة الطوائفية حتى يصل إلى عمق أعماق النفس البشرية، وتصوّراتها(4) اليومية، والماضية، والمستقبلية.

وباقتراح الحيّز الذاتي نكون قد أكملنا طريقة النظام الطائفي العُمْقي، المؤلَّفة من ثلاث طبقات:

الأولى، وقد اقترحناها في العام 1992، تربط طائفة المنتخِب بطائفة المنتخَب لمنع إغراق الطوائف غير الولودة بالطوائف الولودة.

أما الاستفتاء الطائفي الذي اقترحناه في العام 2007، فهو يمنع خطف إرادة الطوائف الأقلية تحت زعم المجموعة الشاملة.

أما الاقتراح الحالي بإنشاء الحيّز الذاتي الطوائفي، فهو يهدف إلى حفظ المناخ التاريخي والاحساسي والإرادي للطوائف. وهو يتوافق مع الحقوق الأساسية للإنسان والمجتمعات ، الهادفة إلى تثبيت الحق الثقافي بمعناه العمقي، أي التواصل مع البنية التاريخية، والالتحاق عبر هذه البنية بالحداثة والمكتشفات الجديدة.

الحواشي:

(1) القِطاع: قسم من القَطْع؛ أي قسم مما هو مقطوع؛ أي قسم مؤتَلَف مما هو مقطوع.

(2) يُصَعِّد: يتناول ما في الداخل، ثم يخرجه في حركية لولبية اكتنازية.

(3) النظرة التجددية: توصيف "نظرية" تعاكس بارمنيدوس، وترى ان اللاّهو يحتوي ماهيّة نفيويّة، وليس فقط نفيويّة محض.

(4) هذا كان موقفنا منذ العام 1968، وقد فَسّرناه في مجموعة من الرسائل إلى عدد من السياسيين، ثم في جريدة "الماروني"، وفي جريدة "صوت المشرق"، وفي مجلة "الشعب المسيحي"، وفي نشرة "نقديات".