٥/٨/٢٠٠٩
الحَاْلَةُ الفرَنْكُوْفُوْنِيَّةُ
١. التَوَحُّدُ مَعْ فَرَنْسَا-الأُمّ(١):
تُرَاقِبُ الأوساطُ الكاثوليكيَّةُ الفرنكوفونيَّةُ في العالمِ باهتمامٍ ما يجري في مناطِقَ وَالُوْنيا حَيْثُ الاِتِّجاه بَدَأَ يَنْشُطُ مِنْ أَجْلِ الاِنْضِمَاْمِ إِلى فَرَنْسَا-الأُمِّ بَعْدَ ابتعادٍ مُؤْسِفٍ لأَكْثَرَ مِنْ مِئَةٍ وثمانين عاماً.
إِنَّ الكاثوليكَ في وَالونيا تَشُدُّهم رابطتَاْنِ مَعْ فَرَنْسَا: أَوَّلاً: الانتماءُ إلى العَالَمِ الكاثوليكيِّ. ثانياً: التَكَلُّم بلغةٍ واحِدَة.
فهم يَشْعُرون أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّابِطَتَيْنِ تُؤَدَِّيَانِ إِلى الوِحْدَةِ بِسَبَبِ التَّضامُنِ الذي يَشْعُرُونَ بِهِ لما يَجْرِي مِنْ سِيَاسَاتٍ عَامَّةٍ في البَلَدِ-الأُمِّ. فَهُمْ يَعْتَبرونَ أَنَّ الاهتمامَ بهذه السِّياسَاتِ أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ بِسَبَبِ الأُمورِ المُشْتَرَكَةِ التي يتقاسمونَها مَعَ الجارةِ الجَنوبِيَّةِ. بالإضافة إِلى أَنَّ الاتِّجاه العالمي هو نَحْوَ تَوَحُّدِ القِوَى والهَيْئَاتِ والبُلْدانِ والمَنَاطِقَ التي تَنْتَمِي إِلى ذاتِ الأُفْعُوْلِ المَذْهَبِيِّ والتي تَتَشَارَكُ في لُغَةٍ رَسْمِيَّةٍ أَوْ لُغَةٍ نَفْسِيَّةِ واحِدَةٍ.
٢. فَرَنْسَا الجَدِيْدَةُ:
إِنَّ أَهالي كيبيك مِنْ أَصْلٍ فَرَنْسِيٍّ يَسْعُوْنَ أَوَّلاً إِلى تشكِيلِ دَوْلَةٍ ذات سيادة، ولا عَجَب، فَهُم أَبْنَاءُ فرنسا الجديدة وَعُمْرُها أَكْثَرَ مِنْ خمسمئةِ سَنَةٍ. وَهُمْ حَافَظُوا على اللهجَةِ الفرنسيَّةِ التّاريخيَّةِ، وعلى عاداتٍ وتقاليدَ اندثرت مُعْظَمُها في فَرَنْسَا الأُم. وقد حافَظُوا عليها لانقطاعِهِم من جِهَّةٍ عن التطوّر التَّحْدِيثي في فرنسا، ومن جِهَّةٍ أُخْرَى تعبيراً عن الهَوِيَّةِ(٢) الفَرَنْسِيَّةِ في أَميركا في مواجهة الهَوِيَّةِ(٢) الانكليزيَّةِ التي أَرَاْدَتْ مَحْوَ ذَاكِرَتَهُمِ الثَّقَافِيَّةِ، واسْتَوْلَتْ عَلَى العَدِيْدِ مِنْ أَرَاضِيْهِمْ.
إِنَّ أَهْلَ كيبيك، في صِلاتِهِمْ مع التَّارِيخ الفَرَنْسِيّ، وفي كَوْنِهِمِ الحالة الفَرَنْسِيَّة في أَميركا، وَكَوْنِ أَجدادِهِمْ أَتوا مِنْ فَرَنْسَا، يَلْفَحُهُمِ الحنين إِلى ثَقَافَةٍ تَارِيخِيَّةٍ جَامِعَةٍ، وإِلى شَدِّ أَواصِرَ الصَّدَاقَةِ مَعَ البَلدِ الأُمِّ، وهو اتِّجَاهٌ لا بُدَّ مِنْ أَنْ يَصِلَ يَوْماً إِلى الوِحْدَةِ. وَهِيَ حَالَةٌ طَبِيْعِيَّةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ الذِينَ يَنْتَمُوْنَ إِلى مَذْهَبٍ دِينِيٍّ وَاْحِدٍ وإِلى لُغَةٍ وَاحِدَةٍ.
٣. لُغَةُ المَوَاْرِنَة:
أَمَّا المَوَارِنَةُ، فَهُمْ مُتَعَلِّقُوْنَ بِفَرَنْسَا مُنْذُ قُدُوْمِ المُحَرِّرِ غودفرا دو بويون(٣)، بعدما كانوا تَحْتَ نِيْرِ الاِسْتِعْمَارِ مُنْذُ مِئَاتِ السِّنِين. فَتَعَاوَنوا مَعَهُ وحَرَّرُوا سَوِيَّةً السَّاحِلَ البَحْرِيَّ لِبِلادِ المَشْرِقِ. وَلَكِنْ، وَلِسُؤِ الأَسَفِ، وَبَعْدَ أَنْ اشْتَدَّتْ ضُغُوْطُ قِوَى الاِسْتِعْمَارِ، أُجْبِِرَ أهَالي الجِزْءِ الغَرْبِيِّ مِنْ عَالَمِهَم الكاثوليكي على الاِنْكِفَاءِ، فَبَقُوْا وَحْدَهُمْ يُصَارِعُوْنَ الضَّيْمَ وَيُقَارِعُوْنَ الاِسْتِبْدَاْدَ.
إِنَّ الموارنة المعروف تَعَلُّقِهم بفرنسا، قد انتقوا لُغَتَهَا للتعبيرِ عن عُمْقِهم الثَّقَافي وعن مَكْنُوْنَاتِهِمِ النَّفْسِيَّة. وبَعْدَ أَنْ كَانت السُّريانِيَّة لُغَتَهُم اليَوْمِيَّة، أَصْبَحَتْ لُغَتَهُمِ الطَّقْسِيَّة. وهُمْ يعتبِرونَها لُغَةَ التُّراثِ، ويَهُمُّهم أَنْ يَسْتَنْهِضَهَا أُخْوَتُهُمِ السُّرْيَان، وَيَنْشُروها، وتَعُوْدُ لُغَةً يَتَكَلَّمُها مَجْمُوْعَةٌ هَامَّةٌ مِنَ النَّاسِ، لِتَتَقَدَّمَ وَتَزْدَهِرَ.
أمّا الموارِنَةُ، فَقَدِ انتقوا الفَرَنْسِيَّةَ كَلُغَةٍ شُعُوْرِيَّةٍ وَنَفْسِيَّةٍ. وَهُمْ ينتظرونَ تطبيقَ المادة ١١ مِنَ الدَّسْتُوْرِ التي تَقُوْلُ: إِنَّ القوانِيْنَ اللاحِقَةَ سَتُحَدِّدُ دَوْرَ اللُغَةِ الفَرَنْسِيَّةِ. وَهُمْ يَطْلُبُوْنَ أَنْ يَتَحَدَّدَ دَوْرُ هذه اللُغَةِ، كَلُغَةٍ ثانِيَةٍ في ثَلاثِ مجالاتٍ:
· أَوَّلاً: في المُؤَسَّسَاتِ الإِدَارِيَّةِ والقَضَائِيَّةِ.
· ثَانِيًا: في المُؤَسَّسَاتِ السِّيَاْسِيَّةِ.
· ثالِثًا: في المُؤَسَّسَاتِ التَّرْبَوِيَّةِ.
وما يَطْلُبُونَهُ، حَقٌّ لا غِنَى عَنْهُ. ومِنْ أَجْلِ تَأْكِيْدِهِ، يُمْكِنُ الاعتماد على الاستفتاءِ الدَوْرِيِّ، وهو لُبُّ الديموقراطيَّةِ، لِمَعْرِفَةِ إِرَادَةِ الشَّعْبِ. ولَكِنْ، قَبْلَ الاستفتاءِ بين الموارنة، يَجِب السَّماحِ للقوى النَّاشِطَةِ أَنْ تُعَبِّرَ عَنْ رَأْيِهَا. وَلِذَا، يَجِب فَتْح الوَسائِلَ الإِعلامِيَّةِ كَاْفَّةً أَمَامَ أَصْحَابِ المَطْلَبِ الفرَنْكُوْفُوْنِيِّ-الدَّسْتُوريِّ لِيُفَسِّرُوا نَظْرَتَهُم وَيَشْرَحوها أَمَامَ القِوى الشَّعْبِيَّةِ والوَطَنِيَّةِ.
* * *
(١)"فَرَنْسَا الأُمُّ" : "La France-Mère"
(٢)"الهَوِيَّةُ": الذَّاتِيَّةُ مِنْ حَيْثُ المَبْدَأ. الهُوِيَّةُ: الذَّاتِيَّةُ المُتَحَرِّكَةُ.
(٣) غودفرا دو بويون : Godefroi de Bouillon
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire