12/12/2008
هَوْلُ الأَهوال:
أ- "شرحت النَّاطقة بإسم المفوضيّة العليا للاجئين التّابعة للأمم المتّحدة، لورا شدراوي وضع (المسيحيّين العراقيّين) بقولها: إنّ السلطات اللبنانيّة تعتبر وُجود هؤلاء على أراضيها غير شرعي رغم أنّنا نزوِّدهم شهادات لجؤ."
ب- "أمل جرجس بطرس، سيدة في الثامنة والأربعين، وصلت إلى لبنان، مطلع تشرين الثاني الحالي، قادمة من الموصل مع أولادها الثلاثة، تقول: في آذار الماضي قَتَلَ مسلَّحون زوجي خلال عمله في متجره. وتقول: حاليّاً ننام على فراش على الأرض في منزل من غرفتين نقيم فيه مع أفراد سبع عائلات أُخرى".
ج- "كمال حَمو يقول: لا يقبل أحد استخدامي، وأمضي أوقاتي في الانتظار".
د- "وتقول رانيا شهاب من مؤسَّسة كاريتاس: الكثير من العائلات تصل حاليّا بدون رجالها. الرِّجال إمّا قُتِلوا، وإمّا جرى خطفهم. وبعض اللاجئين يَصِلون بثياب تكاد تُغَطِّي أجسادهم(1)".
1-المُستَعْصَى عن الفهم:
أمام هَوْل هذه الأقوال، ونتيجة هذه الفضيحة الكُبْرَى من الحكومة في التلكُّؤ عن مساعدة أبناء شعبنا المشرقي، على رئيس الحكومة تقديم استقالته فوريّاً. وإن تَمَسَّك بالكرسي لسببٍ أو لآخر، على جميع الوزراء المسيحيّين تقديم استقالتهم لأنَّ ما جرى يُسْتَعْصى على الفهم و يُسْتَعْصى على التّحليل.
نَقول: كيف تَعْتَبِر الحُكومة أنَّ المسيحيّين العراقيّين الهاربين من الذَبح والاضطهاد، موجودون بصورة غير شرعيّة؟!!
فمن النّاحية الإنسانيّة، لهم الحقّ، كُلَّ الحقّ، أَن يَمْكُثوا في لبنان إلى أن تنجلي أُمُورُهُم، ويُقَرِّروا أين سيبنون مستقبلهم؟ أفي سهل نينوى، ملاذهم شبه الآمِن، أم في باقي المناطق العراقيّة؟ أفي لبنان؟ أو في بلاد الغرب؟
2- الاهتمام بأبناء بُجْدَتِنا:
ومِن الآن حتى ذلك الوقت على الحكومة أَن تُجهِّز مراكز استقبال مُؤقَّتة، من استئجار فنادق عاديَّة، أو أجنحة في أديار مُخّصَّصة لنوم الزّائرين، أو في مُجَمَّعات بيوت مُعَدَّة للإيجار؛ فَتُخَصِّص لكلِّ عائلة غرفة أو غرفتين، وتوابعها.
وتُنشَأ هيئة خاصّة لمساعدة المسيحيّين العراقيّين، فَتُقَدِّم لهم المأكولات التى يقومون بتحضيرها، كما تُقَدِّم لهم مبلغاً شهريّاً يشترون به بقيّة حاجاتهم من ملبس وما شابه.
ويُطْلَب من المدارس الرّسميّة قُبول أبناء وبنات المسيحيّين العراقيّين، ومَنْ فَضَّلَ إدخال أولاده إلى المدارس الكاثوليكيّة، فالدولة تتحمّل التّكاليف.
وكل شخص كان يعمل في العراق، أو انهى دروسه، يُقَدِّم طلباً إلى وزارة العمل، فتسعى الوزارة بكلّ ما أُوتِيَت من جهد إلى إيجاد عَمَلٍ له، موازياً لاختصاصه وخبرته.
وإنْ أحبَّ الضيف المشرقي البقاء في لبنان، لمدّة مُعَيَّنة، تُعطى له بطاقة يبرزها تجاه السلطات الرسميّة، وتُجَدَّد تلقائيّاً كلّ سنة؛ وإن اصطلحت الأمور في العراق، فله كلَّ الحقّ أن يبقى في ربوعنا ما أراد.
وإذا اختار المسيحي العراقي أن يطلب الجنسيّة اللبنانيّة، فَيُسَجَّل على لائحة انتظار المسيحيّين غير الموارنة. فكلّما مُنِحَت الهويّة اللبنانيّة في الخارج إلى ستين مارونيّاً، تُمنَح لأربعين مشرقيّاً مسيحيّاً من غير الموارنة، وذلك حِفاظاً على التوازن الديموغرافي داخل الطوائف المسيحيّة.
3- فتح تحقيق بالمسؤوليّات:
وعلى كُلِّ حال يجب فتح تحقيق لمعرفة أسباب سؤ معاملة المسيحيّين العراقيّين الحاضرين إلى لبنان بعد نكبتهم في بلادهم. على المسؤولين أن يعلنوا نتائج التّحقيق للرأي العام ليعرف أسباب حُصول هذا النَّبذ الإداري المهين لأخوةٍ لنا في المشرقيّة، وفي الدّين، وفي الانسانيّة. إنَّ كلّ الهيئات والتّجمّعات والقوى والأحزاب والنّقابات في لبنان وفي المشرق، المسيحيّة منها والإسلاميّة، كما المدنيّة، قد نَبَّهَت طيلة شهرين عمّا يجري من اضطهاد للمسيحيّين في العراق. أتكون النّتيجة بعد هذه الصَّلْصَلَة الواسعة والمتكرّرة تَعَمُّد الإهمال وعدم التَّواني عن مُلاحقة مَنْ أتوا في ظروف مأساويّة، وكأنّنا في صدد أحوال عاديّة في بلاد لا تشوبه شائبة، ولا يعتريه مشكل؟! ولا يُؤخذ بعين الاعتبار الوضع الذّاتي لمن أُعجِفَ من بلده، فاجأنا مستغيثاً يطلب الطمأنينة والمداراة؟! إنَّ الألم يعصر قلوبنا، والغمّ يضغط على رؤوسنا بعد أن عرفنا ما حصل من موبقات، وما جرى من استعلاءات على بني قومنا. عسى أن تُصلَح الأمور سريعاً، ولتتابع القوى والهيئات والمنظّمات والأحزاب هذا الأمر؛ فالجرح بالغ لإخوتنا في المشرق لما يُصِيبُهُمْ، والجرح بالغ لجماهيرنا لما أَصَابَهُمْ.
سامي فارس
رئيس اللجنة المشرقيّة في لبنان.
، ص7، "شهادات لمسيحيّين عراقيّين".29/11/2008 النّهار في (1)