21/11/2008
إلى الأربعة الكِبار:
- رئيس جمهوريّة روسيا الاتِّحاديّة، السيّد ديميتري مدفيديف.
- رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة ورئيس الدورة الحاليّة للاتِّحاد الأوروبي، السيّد نيقولا سركوزي.
- رئيس الولايات المتحدة الأميركيّة، السيّد جورج بوش.
- الأمين العام التنفيذي لمنظّمة الطّاقة في أميركا الجنوبيّة(Olade)، السيّد كارلوس فلوريز.
تحيّة محبَّة، وبعد،
إنّ الحالة المزرية التي وصل إليها المسيحيّون في العراق تحتاج إلى معالجة سريعة كي يُرفَع عنهم الضَيْم، ويخِفُّ الخطر اللابِس أطرافه في كل البلاد.
لقد سَقَطَ في يومٍ واحد في البصرة، وعلى يد المتطرّفين، أكثر من خمسين قتيلاً(1). وفي بغداد، قُتِلَ عَدَدٌ من المسيحيّين، ودُمِّرَتْ معظم الكنائس على دفعات. وفي بعض الأحيان كانت تحصل الانفجارات المتعمِّدة، والمصلّون في الداخل يقومون بالشّعائر الدينيّة. وخُطِفَ عدد من الكهنة، والبعض لم يعد إلا جثّة هامدة.
وفي الموصل خُطِفَ رئيس الأساقفة وأُعدِمَ. وعندما عارض أهل الموصل، سلميّاً، عمليّة حجب حقوقهم في التّمثيل في المحافظات، دُمِّرَ عدد من بيوتهم، ومن كنائسهم، وقُتِلَ منهم أكثر من اثني عشر شخصاً. وقد لجأت الآلاف من العائلات إلى القرى المجاورة، وإلى سهل نينوى لتحتمي من الغائلة الدّاهمة.
وتصل إلى أبناء الموصل المسيحيّين رسائل تهديد متكرّرة،ويسمعون في اللّيالي الظّلماء،أصواتاً مُزَمجِرة تنذرهم بالويل والثّبور وعظائم الأمور إن لم يرتحلوا عن أماكن عيشهم، وافاني(2) أجدادهم، وثَرى طفولتهم.
إنّ المسيحيّين الذين كانوا حوالي المليون قبل عدّة سنين، هربوا من أجواء الحرب والدّمار، ومن التّهديدات الموجَّهة إليهم، ومن القتل الذي يُلاحقهم يوميّاً، ومن تدمير بيوتهم وكنائسهم. ولم يبقى منهم في سائر آفاق البلاد إلا القليل القليل، واِتَّجه معظمهم إلى منطقة شِبه آمنة في شمال العراق، ملتحقين بإخوانهم في قراهُم ودساكرَهُم ليعيشوا الحياة الفقيرة والتعيسة، لكن المطمئِنَّة إلى السلامة الجسديّة، وسلامة البيوت والكنائس التي تُعَمَّر من جديد.
وبالرّغم من ذلك، فَهُمْ مهدّدون في أيّ لحظة من المتطرّفين الذين بعد أن طردوهم من معظم البلاد، يطمحون إلى إخراجهم بالكامل، والاستيلاء على باقي أراضيهم وأرزاقهم.
إنّ إمكانيّة دفاع المسيحيّين عن آخر ملاذ لهم، ضعيفة، لأنّهم لا يملكون إلا السِّلاح الخفيف(3)؛ فلا العتاد المتوسِّط، ولا الثّقيل، ولا المدافع، ولا الدبّابات، ولا الصواريخ، موجودة. لذا، فمن أُوْلى الأَوَّليَّات أن يُرسَل إليهم أعداد من العسكر، بمعدّاتهم، يؤمِّنون لهم الحماية إلى أن يتدرّبوا، ويقتنوا السِّلاح المناسب الذي يسمح لهم بالدِّفاع النَّاجع عن أنفسهم، وعن أهلهم، وعن منطقتهم.
فباسم التّضامن المسيحي العالمي، وباسم حقوق الشُّعوب والجماعات في الدفاع عن نفسها وعن وجودها، نطالب من مرجعيّاتكم الكريمة المبادرة إلى إرسال القوى الضَّامنة لعدم سقوط سهل نينوى بيد المتطرّفين لتعاد الكَرَّة وِفق ما حصل في بغداد، وفي البصرة، وفي الموصل، وفي عدد آخر من البلدات.
إنّ من حق المسيحيّين في العراق أن يعيشوا في منطقة آمنة لا يتهدّدهم فيها أحد، وقد نالوا ما نالوا من خراب، وتدمير، وقتل و تجريح. ألا لِتنهض الأُمّة المسيحيّة وتمسح عن عيون أبنائها في بيت نهرين دَقَلَ(4) العَوَاهِن(4) وسُنْبُكَ المحتلّ.
إنّ قانون الأمم المتّحدة والمبادئ العالميّة لحقوق الإنسان ترفض ترك الجماعات الإنسانيّة عرضة لاغتصاب أرضها، وتدمير بيوتها، وتدنيس معابدها، وتقتيلها كلّما لاح لأحدهم أنَّ انتهاك حرماتها يُحَسِّنُ موقعه في قضيّته الخاصّة.
حضرات المرجعيّات الأربعة:
إنّ شعوبكم لو جرى ما جرى من تَعَدٍّ على أيِّ مجموعة، لرفضت هذا الأمر، وطالبتكم بالسعي للإفراج عن كَرْبَةِ هذه المجموعة، وردَّ العدوان عنها. فكيف إذا كانت هذه الجماعات ترتبط وشعوبكم بذات الرّوح الماورائيّة، وذات النَّفْس التّاريخيّة، وذات التصوّرات الاجتماعيّة العُمقِيَّة؟!
إنّ شعوبكم تناديكم علناً، أو في روحها الباطنيّة، أن تسعفوا إخوانكم في النِّفراز الديني، وفي الإنسانيّة. فلَبّوا النّداء، وأرسلوا إليهم مَنْ يحميهم في دارهم، ويردّ عنهم كيد المتطرّفين والماكرين. فإن أسرعتم في النّجدة الواجبة، ستكون أُمّتنا، في جماهيرها، وفي مثقّفيها، وفي مناضليها، وفي رجالها، وفي نسائها، وفي أطفالها، ممتنّة لكم، مثنية على فِعالكم، مغتبطة بما أقدمتم عليه، شاكرة سعيكم الحميد، مؤملة متابعة هذا الاستنهاض المبارَك، وهذا الشَّرْشَر(5) المُثْلِج صدر الأُمّة، ومُخضَوضِر أيّامها. وسيعتبركم شعبكم، وكلّ شعوب أُمَّتِكُمْ، خير نبراس لخير أُمّة، تشدّون عضدها في الملمّات، وتروون ظمأها في سُهوب الدُّنيا.
وتفضّلوا بقبول كامل الاحترام
سامي فارس
مؤسِّس "حركة من أجل التَّضامُن المسيحي العالمي".
Sami Pharès
Mouvement de Solidarité Chrétienne Internationale (M.S.C.I.)
------------------------------
(1) جريدة النّهار اللبنانيّة في 11/11/2008، ص7
(2) حيث كانوا يرضعون.
(3) جريدة النّهار اللبنانيّة في 11/11/2008، ص7
(4) الضُّعْفُ الحاضر.
(5) الخير.