lundi, octobre 15, 2007

التحرّك الاعتباطي والتحرّك القانوني



التحرّك الاعتباطي والتحرّك القانوني

تحتدم الاجتهادات يومياً بين فريق يشترط ثلثي النواب لانتخاب رئيس للجمهورية وبين فريق يَقُرّ بالثلثين في الاجتماع الأول؛ أما في ما بعد، فالانتخاب يكون بالنصف زائد واحد.
ومن خارج الاجتهاد على المفهوم الدستوري، علينا إمعان النظر بالوضع السياسي القومي، نستخرج منه علامات تساعد على الرؤية الحسنة الموافقة للحوادث الجلّى والمتغيّرات الأساسية.
فعند وضع الدستور في العام 1926، لم تكن الإشكالات الحالية في ذهن معدّيه، إنما نُظر الى أوضاع عادية تتكشّف طبيعياً في المسارات.
فالفكرة الأولى أن النواب سيحضرون بصورة طبيعية جلسة الانتخاب، وان المعركة الانتخابية ستُحضَّر بين ممثلي الشعب قبل موعد الجلسة. وأن النتيجة ستكون شبه محسومة في الأيام الأخيرة قبل الانتخاب.
اختلف الواقع كلياً اليوم لأن الصراع الحقيقي هو على حق مجموعات حزبية في اقتناء السلاح واستعماله ضد دولة خارجية، مما يؤدي الى نتائج ضخمة على البلاد.
ويتمسّك الفريق المسلّح بحق اقتناء السلاح وفق أساسين:
الأساس الأول: أن هناك مواجهة مع الدولة العبرية. ويريد الفريق المسلّح أن يلعب دوراً في هذه المواجهة. والردّ البديهي هو أن الدولة وحدها تقتني السلاح، وهي وحدها تقرّر كيفية التحرك في هذا الموضوع.
الأساس الثاني لأصحاب فكرة حمل السلاح هو أن البيان الوزاري أكّد دعم المسلحين. والجواب هو أن الدعم المبدئي لا يخوّل أي جماعة حقّ الخروج عن رأي الحكومة وإرادتها في التصرّف العملي والتطبيقي تجاه الدولة العبرية.
وقد أصبحنا الآن ضمن رأيين: رأي يريد أن تتابع القوى المسلحة الخاصة برامجها على كل الأصعدة، ورأي آخر يقول بالتزام الدولة وحدها بكل المضامين في موضوع التسلّح واستعمال السلاح وفق الظروف.
وبناء عليه، نَعْتبر أن لا حقّ ولا سند قانوني لجماعات خاصة مسلّحة أن تقتني السلاح وتستعمله متى ارتأت وبان لها الأمر مفيداً.
أما الدفعين لتعطي هذه الجماعات نفسها الحق في متابعة التسلّح والبقاء ضمن إمكانية إطلاق النار، فهما: أولاً: أنها تريد استرجاع اللبنانيين الموجودين في سجون الدولة العبرانية. ونقول إنها مهمّة الدولة وحدها عبر مفاوضات مثلّثة أو ثنائية، تقررها وفق المقتضى، ولا حقّ لأي قوة خاصة أن تتفرد على طريقتها وأسلوبها لاسترجاع المسجونين في الدولة العبرية.
أما الدفع الثاني لإبقاء السلاح مشرّعاً، فهو القول باسترجاع مزارع شبعا، وهي مهمة غير مخصصة لأفراد مسلحين يخططون ما يرتأون في هذا السبيل.
فالدولة تقوم بهذا العمل عبر مفاوضات واتفاقات، وفق اجتهادها الشخصي. ويمكن التعليق على طريقتها أو اقتراح السبل الآيلة لتحقيق المهمة. أما التحرّك العملي في هذا السبيل، فهو خارج مضمون حق التصوّر النظري ومناقشة مشاريع إعادة مزارع شبعا.
فالبديهيات أصبحت تثير التعجب، وكأن مجموعات رديفة يحق لها التصرّف وفق مبتغاها في أمور تخصّ الدولة دون غيرها. والأكثرية تحاول بصعوبة إفهام المعارضة حقوق السلطة في هذه الأمور الأوّلية التي هي من مسؤوليتها وحدها. والعجب العجيب أن بعض الفئات السياسية تتأفف وتستنكر إرادة الدولة في التمسك بكامل حقوقها وسلطتها في مواضيع التصوّر والتحرّك والتنفيذ العملاني في القضايا الأساسية، ومنها الموقف تجاه قضية مزارع شبعا وتجاه قضية الموجودين في سجون الدولة العبرية.
ونسأل، استناداً الى أي حق تسمح هذه المجموعات المسلّحة لنفسها بالتحرك عملياً في هذين الموضوعين ؟ ومن النافل القول، إن الدعم المبدئي في البيان الوزاري يُتَرجَم وفق المقتضى، وعملياً بإرادة الحكومة بعد درسها المعطيات العامة، وليس بإرادة فرقاء مسلّحين اعتبروا أنهم قيّدوا الحكومة بجملة مبدئية وردت في البيان.
لذا نقول، إن المواجهة الحالية في الانتخابات الرئاسية هي بين خط يريد المحافظة على حقوق الدولة في المسؤولية الفردية في دراسة المواقف من الخارج، وتطبيق هذه المواقف وفق ما تقتضيه الحاجة؛ وبين خطّ يَعتبر أن مجموعات خاصة يحق لها التصرف عملياً بما يؤدي الى نزاعات مسلّحة مع الخارج، وتحميل اللبنانيين نتائج هذه المواقف المنطلقة من مجموعات، تتحرك وفق ما ترتأيه، وتفرض نتائج إرادتها على الجميع.
وللعودة الى فكرة المشرّع المطالب بالثلثين لانعقاد جلسة رئيس الجمهورية، نقول إنه لم يكن في وارد التصوّر أن مجموعات مهمة من الشعب ومن ممثليه كان يمكن أن تقنع نفسها، أن بعض الأفراد، وإن تعددوا، يحقّ لهم، متى أرادوا، أن ينسفوا بتصرفاتهم الشخصية وضعيات سياسية متكاملة، وأن يعيدوا البلاد اقتصادياً الى الوراء بصورة مذهلة، وأن يعتبروا أنفسهم وكلاء الإرادة الوطنية؛ فيتحرّكون على الأرض على طريقتهم، دون مراجعة القوى الشرعية القانونية التي لها وحدها الحق في التصرّف، بناء لوكالتها القانونية عن الناس.
سامي فارس
في 15/9/2007

تعليق: إن استعمال عبارة مجموعات حزبية، أو الفريق المسلح، أو أصحاب فكرة حمل السلاح، أو القوى المسلحة الخاصة، أو جماعات خاصة مسلّحة، أو قوة خاصة، أو أفراد مسلحون، أو مجموعات رديفة، أو مجموعات مسلّحة، بدون ذكر تسمية معيّنة، يهدف الى التخفيف من الإثارة السياسية في حال تناولِ أحد الأحزاب، أو إحدى المجموعات بالإسم، مما قد يؤدي الى تشنّجات سياسية تؤثر على الساحة الاجتماعية والوطنية.
فإن كان بالإمكان استعمال التورية مع فهم القصد بسهولة؛ خفّت الحدة، وناست الاحتقانات.

في 23/9/2007

Aucun commentaire: